للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المماطل المتلاعب .. والوعيد هنا شديد، وعبارة (أتلفه الله) وقف عندها العلماء وقال ابن حجر رحمه الله: ظاهر أن الإتلاف يقع له في الدنيا، وذلك في معاشه أو في نفسه وهو علم من أعلام النبوة، لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئًا من الأمرين، وقيل المراد بالإتلاف عذاب الآخرة (١) وأيًا ما كان الأمر فهو تلف وهلاك!

-أيها الأغنياء المماطلون- ويا أيها الواجدون المتلاعبون بحقوق الخلق اتقوا الله واتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة .. وهل تعلمون أن هذه المماطلة مع القدرة على الوفاء تحل أعراضكم وعقوبتكم؟

قال عليه الصلاة والسلام: «مطل الغني ظلم» (٢).

وقال عليه الصلاة والسلام: «لي الواجد يحل عقوبته وعرضه» (٣).

والواجد هو القادر المتلاعب بالوفاء .. وهذا تحل عقوبته حتى السجن، وتحل عرضه بالشكاية والشكوى والتحسب ورفع الصوت، فإن لصاحب الحق مقالًا .. وقد صح الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم «أتاه رجل يتقاضان فأغلظ له، فهم به أصحابه فقال: دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا» (٤).

بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أطيبك حيًا وميتًا، وما أحسنك وأكرمك وأعدلك قاضيًا أو متقاضيًا .. تعلم الناس حسن القضاء وأدب الاقتضاء.

ورغمت أنوف تتطاول على الناس بأخذ حقوقهم .. ثم هي تتلاعب وتماطل فإذا كانت الشكوى كانوا قومًا خصمين، وللحق منكرين، ولربما لشهادة الزور طالبين .. ألا شاهت وجوه تلك تعاملاتها وأتلف الله من أخذ أموال الناس يريد


(١) (الفتح ٥/ ٥٤).
(٢) رواه البخاري ح ٢٤٠٠.
(٣) ح ٢٤٠٠.
(٤) (أخرجه البخاري ح ٢٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>