للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إتلافها، وأدى الله عن أناس ينوون القضاء ويحسنون الأداء، وفضل الله يؤتيه من يشاء.

عباد الله على أن أمر الدَّيْن من الخطورة بحيث ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة- في أول أمره- على أصحاب الدَّيْن، فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدَّيْن، فيسأل: هل تركه لدَّيْنه قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى، وإلا قال للمسلمين صلوا على صاحبكم، قال: فلما فتح الله على رسوله كان يصلي ولا يسأل عن الدَّيْن، وكان يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفى من المؤمنين فترك دَّيْنا أو كلًا أو ضياعًا فعلي وإلي، ومن ترك مالًا فلورثته (١).

إنه أمر عظيم أن يدع النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة- في أول أمره- على من مات وعليه دَّيْن وأمر عظيم كذلك أن يصلي ويتحمل الدَّيْن والعيال والضياع بعد أن فتح الله عليه ...

أما الحكمة من ترك الصلاة على أهل الدَّيْن، فقد قال العلماء: كأن الذي فعله صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة على من عليه دَّيْن ليحرض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (٢).

أيها المؤمنون والدَّيْن من الخطورة والتشديد كذلك بحيث أنه قد يكون سببًا في حجب صاحبه عن الجنة- وإن كان مستحقًا لها حتى يقضى عنه الدَّيْن- فقد أخرج النسائي بسند حسن عن محمد بن جحش رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلى السماء ثم وضع يده على جبهته ثم قال: سبحان الله! ماذا نزل من التشديد؟ فسكتنا وفزعنا، فلما كان من الغد سألته: يا رسول الله ما


(١) (جامع الأصول ٤/ ٤٦٦).
(٢) (الفتح ٤/ ٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>