للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا التشديد الذي نزل؟ فقال: والذي نفسي بيده لو أن رجلًا قتل في سبيل الله ثم أحي ثم قتل ثم أحي ثم قتل وعليه دَّيْن ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دَّيْنه (١).

عباد الله إنها حقوق الخلق لا بد من الخلاص منها، وهناك في يوم القيامة تنقطع المقاضاة المالية، ويبقى القضاء بالحسنات أخذًا أو بالسيئات تحميلًا وثقلًا .. وليس يخفى أن في عداد المفلسين يوم القيامة من أتى وقد سفك دم هذا .. وأكل مال هذا .. فيؤخذ لهذا من حسناته .. ولهذا من حسناته فإن فنيت حسناته- قبل أن يقضى ما عليه- أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.

عباد الله وإذا أفلس المدَّيْن وكثر غرماؤه حجر عليه، ومن حق الحاكم أن يقسم ما بقي من ماله على غرمائه، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ بن جبل رضي الله عنه ماله، وباعه في دَّيْن كان عليه (٢).

ثم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم (معاذ) إلى اليمن ليجيره بذلك.

وإياكم والدَّيْن فإن أوله هم وآخره حصد للمال .. كما قال عمرو رضي الله عنه وفي زمن عمر حجر على رجل من جهينة كما حجر النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ ..

فقد روى الدارقطني في غرائب مالك بسند متصل: أن رجلًا من جهينة كان يشتري الرواحل فيغالي فيها فيسرع المسير فيسبق الحاج فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أيها الناس إنه لا الأسيفع أسيفع جهينه قد رضي من دينه وأمانته أن يقال سبق الحاج، فأصبح وقد دَّيْن به- أي أحاط به الدَّيْن- فمن كان له عليه دَّيْن فليأتنا بالغداة فيقسم ماله بين غرمائه، وإياكم والدَّيْن فإن


(١) (جامع الأصول ٤/ ٤٦٤ في التغليظ في الدَّيْن، وحسن إسناده المحقق).
(٢) رواه الدارقطني والحاكم وصححه، وأخرجه أبو داود مرسلًا (سبل السلام ٣/ ٨٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>