إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، منْ يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسوُله.
اللهمَّ صلِّ وسلمْ عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وسلِّمْ تسليمًا كثيرًا.
أيها المسلمون: أخرجَ الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ والنسائيُّ منْ حديثِ خَبْابِ بنِ الأرتِّ رضي اللهُ عنه قالَ: وافيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ صلَّاها كلَّها حتى كانَ معَ الفجر، فسلَّمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم منْ صلاته، فقلتُ: يا رسولَ الله، لقدْ صليتَ الليلةَ صلاةً ما رأيتُك صليتَ مثلَها، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«أجلْ، إنها صلاةُ رَغَبٍ ورَهَب، سألتُ ربي عزَّ وجلَّ فيها ثلاثَ خصالٍ، فأعطاني اثنتينِ ومَنَعَنِي واحدةً، سألتُ ربي عزَّ وجلَّ ألا يهلكَنا بما أهلكَ بهِ الأممَ قبلَنا فأَعْطَانِيها، وسألتُ ربي عزَّ وجلَّ ألّا يُظهرَ علينا عدوًا من غيرِنا فأَعْطَانِيها، وسألتُ ربي عزَّ وجلَّ ألا يُلبسَنا شِيَعًا ويُذِيقَ بعضَنا بأسَ بعضٍ فَمَنَعنِيها».
إنَّ هذا الحديثَ وأمثالَه منْ مشكاةِ النبوةِ يُحددُ مَكْمنَ الخطرِ على هذهِ الأُمةِ، فهيَ لنْ تُهْلَكَ بسَنَةٍ بعامَّةٍ كما أُخذتِ الأممُ السابقةُ المكذِّبةُ، ولنْ تُهلكَ وتُجْتَثَّ منْ عدوٍّ خارجيٍّ -مهما كانتْ قوةُ هذا العدوِّ- حتى وإنْ ظفرَ عليها هذا العدوُّ فترةً، وانتصرَ عليها حقبةً من الزمن .. وإنما تؤتى الأمةُ المسلمةُ منْ قِبَلِ ذاتِها
(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ٢٣/ ١٠/ ١٤٢٣ هـ.