أيها المسلمون: إن مما يَجرَحُ الفؤادَ ويُعظِّم من المُصاب أن المسلمين -وفي مقدمتهم العلماءُ والأمراءُ فضلًا عن العامة وسوادِ الناس- ورغمَ هذه النوازلِ المهدِّدة، والاستعدادِ للغزو والسيطرةِ، لم يُعْطوا الأمرَ ما يستحقُّه من العنايةِ والاهتمام، والتحذيرِ والاستعداد، وكم نحن بحاجةٍ اليومَ أكثرَ مما مضى إلى التعاونِ والمَشُورة وحمايةِ البلادِ والعبادِ من كيدِ الكائدين ومخطَّطات المستعمِرين .. وربُّنا يخبرُنا أن أعداءَنا لا يَرقُبون فينا إلًّا ولا ذِمّةً، وهُم إنْ يثقَفُونا يكونوا لنا أعداءً ويبسطوا إلينا أيديَهم وألسنتَهم بالسوء وودُّوا لو تكفرون.
إن التلاومَ حينَ خرابِ الديار لا يُجْدي، والتباكي حين يجوسُ العدوُّ خلالَ الديارِ لن يُنقِذ، وما لم يتحرَّكِ العقلاءُ في وقتِ الرخاءِ والمُهلة فلن يفلحوا إذا حَزَبَت الأمورُ وتوغَّل العدوُّ في الديارِ لا قَدَّرَ اللهُ، والأمةُ الواعية والشعوبُ الأبيّة هي التي تُحصِّنُ نفسَها بما استطاعت من قوةٍ، ثم هي تتوكلُ على بارئها في مقارعةِ المعتدين ومنازلةِ الغاصبين.
وإذا لم يكنْ إلا الأَسنَّةُ مَركَبًا ... فما حِيلةُ المضطرِّ إلا ركوبُها
ومَن يتوكلَّ على الله فهو حَسْبُه .. ومن ينصرِ الله يَنصرْه، والعاقبةُ للتقوى، وجندُ الله هم الغالبون، والأرضُ لله يُورِثُها من يشاءُ من عباده، والله يُمْلي للظالمِ ولا يُهمِلُه، وكيدُ الكافرين في تَبَاب، ولكن لا بدَّ من تحقيقِ السُّنّة الربانية {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(١).
اللهم انصرْ دينَك وعبادَك المسلمين .. اللهم دَمِّرْ أعداءَ الدِّين واجعلْ كيدَهم في نحورِهم .. اللهم احفَظْ على المسلمين أَمْنَهم وإيمانَهم .. وصلِّ اللهم على نبيِّنا محمد.