للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، يضل من يشاء، ويهدي الله من ينيب، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، دعا الأمة إلى طريق الهداية حتى وافاه اليقين، اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه وآله وأرض اللهم عن أصحابه وأتباعهم إلى يوم الدين.

إخوة الإسلام ومن أسباب الهداية التفكر في مخلوقات الله، والنظر في ملكوت السموات والأرض، ولا شك أن العاقل المتأمل في هذا الكون سيعود بعد رحلة التأمل مؤمنًا خاشعًا لله مهتديًا بهداه .. فليست الطبيعة بقادرة على هذا الخلق والإحياء .. ويستحيل أن تكون الصدفة وراء هذا الكون والوجود .. إلا أن الخلاق العليم تعترف به العقول ويهتدي إليه أولو الألباب {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار} (١) ويتحدى الخالق العظيم أن يجد الناس في خلقه عيبًا، بل تعود الأبصار بعد رحلتها في عالم الوجود خاسئة مطرقة مستسلمة لرب العالمين {الذي خلق سبع سموات طباقًا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسير} (٢).

ويلفت الخالق نظر الإنسان للتأمل في نفسه {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} ويزداد العاقل إيمانًا بخالقه وهو يرى عجائب قدرته في نفسه، فلا يملك من أمر نفسه شيئًا، وتتحرك أعضاؤه التي بين جنبيه بلا إدارة منه وتقوم بأدوارها المرادة لها


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٩٠، ١٩١.
(٢) سورة الملك، الآية: ٣، ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>