للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيجابية في زمن التحولات والانتخابات (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ..

إخوة الإسلام من محسوسات العقل أن الزمان يتغير، ومن مدركات الواقع أن الحياة لا تدوم على حال .. ومن موحيات الشرع أن الناس يبتلون بالسراء والضراء، ويمتحنون بالشر والخير، وإن الهداية على قدر المجاهدة، وإذا كنتم تبصرون في واقع حياتكم تغيرًا في كل -يوم بل وفي كل لحظة- فثمة سرور وأحزان، وغنى وفقر، وصحة وسقم، وخير وشر، ونصر وهزيمة، وأموات وأحياء.

ومحال في هذه الحياة أن تستقيم للإنسان الظروف، وأن يخلد في نعيم، وأن يتلبس بصحة إلى الأبد، محال ذلك والله يقول: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: ٤]. إذا كان هذا شأن واقع الحياة .. فاسمعوا إلى نصوص الشرع في توصيف طبيعة الحياة حين يقول ربنا: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}، {الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}. {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الأَبْصَارِ} [النور: ٤٤]. {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٦٤].

إن الناس قد يتساوون في إدراك هذه الحقيقة المتغيرة للحياة والأحياء، ولكنهم يتفاوتون في أسلوب التعامل معها، واستخلاص الخير منها وجلب المنافع، ودفع الشرور ورفض المآثم، والاجتهاد في حسن العمل.


(١) ألقيت هذه الخطبة في ٢٣/ ١/ ١٤٢٦ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>