الحمدُ لله ربِّ العالمين، يَهدِي من يشاءُ ويُضِلُّ مَن يشاء، ومن يَهدي اللهُ فهو المهتدي، ومن يُضلِلْ فلن تجدَ له وليًا مرشدًا، والصلاةُ والسلام على المبعوثِ رحمةً للعالَمين، والسراجِ المنير، وعلى إخوانِه من النبيِّين.
أيها الصائمُ: وثَمَّةَ مشاريعُ تؤكدُ حقيقةَ التقوى، ويُدلَّلُ بها على التوبةِ النَّصُوح - هذه المشاريعُ ساريةُ المفعولِ في كل حينٍ، ولكنها تَزكُو ويَعظُمُ أجرُها في شهرِ الصيام ومنها:
مشروع الذِّكر والدعاء .. وكم نُفرِّط في الذِّكر وهو من أيسرِ العباداتِ وأزكاها، وخيرٌ من إنفاقِ الذهب والوَرِق، وخيرٌ لكم من أن تَلقَوْا عدوَّكَم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم .. وما أروعَ المسلمَ والمسلمةَ إذا ظلَّ لسانُهما رطبًا بذِكْر الله، وما أجملَ الصائمَ يُمضي شطرًا من ليلِه ونهارِه ذاكرًا لله .. يسجدُ ويَحمَدُ ويكبِّرُ ويهلِّلُ، يستغفرُ لنفسِه ولوالديهِ والمؤمنين، ويدعو بما شاءَ من خَيرَي الدنيا والآخرةِ، ولا يخصُّ بالدعوةِ نفسَه بل يشملُ غيرَه، ففضلُ الله واسعٌ والمَلَكُ الموكَّلُ بالدعاءِ للآخرين بظَهر الغيب يقول للداعي: ولكَ بمِثْلِ ما دعوتَ به. أيها الداعون ولا تنسَوْا أمواتَكم بالدعاء، وتعلَّموا آدابَ وسننَ الدعاء. يا عبدَ الله، كم في الذِّكرِ من فائدةٍ - وقد أوصلَها بعضُهم إلى المائة أو تزيدُ - وكم نُخطئُ بالليلِ والنهارِ وفي الاستغفار تُحرَقُ الخطايا وتذوبُ؟ وكم لنا من حاجةٍ؟ وكم بإخوانِنا المسلمين من بَأْساءَ؟ فهل نتضرَّعُ إلى اللهِ بالدعاء لرفعِها، والكريمُ يقولُ لنا:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}(١) وللصائم دعوةٌ لا تُرَدُّ، لا سيما عندَ فِطْرِه، وفي الأسحارِ وبينَ الأذانِ والإقامة، وفي السُّجود،