للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام الشافعي والنيل من العلماء (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ...

أيها الإخوة المؤمنون، أخرج ابن أبي الدنيا من طريق أسامة بن زيد عن أبي معن قال: لقى عبد الله بن سلام كعب الأحبار عند عمر رضي الله عنه فقال يا كعب: من العلماء؟ قال: الذين يعملون بالعلم، قال: فما يذهب العلم من قلوب العلماء؟ قال: الطمع، وشره النفس، وتطلب الحاجات إلى الناس، قال: صدقت (٢).

هذه كلمات جامعة، وصفات عزيزة غالية، ما أحوج الأمة إلى توفر أصحابها، وما أسعد عيش أربابها بهذه النوعية من العلماء يعرف الحق، وبهم وعلى أيديهم يكتب الله الهداية والاستقامة للخلق، يدفعون عن هذا الدين انتحال المبطلين، ويقومون ما اعوج من سلوك أصحاب الشهوات والمترفين، ويبينون للناس ما خفي من أحكام الدين، يعيشون هموم الأمة فيفرحون لعزها ويسعدون بانتصارها، ويحزنون لمصابها ويقلقون لآلامها .. يتجردون من ذواتهم ويعيشون لغيرهم، يفتون السائل، ويعلمون الجاهل، وينصحون الغافل، ويتحملون في ذات الله ما يصيبهم من المصائب والمحن، بهم تحيا السنن، وبجهودهم ونصحهم تقمع البدع، بصدقهم وإخلاصهم يقوى جانب الأمر بالمعروف، ويعتز الآمرون، وبتجردهم وقوتهم ويوهى جانب المنكر ويذل


(١) ألقيت هذه المحاضرة يوم الجمعة الموافق ١٤/ ١١/ ١٤١٥ هـ.
(٢) الإصابة ٨/ ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>