للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبطلون، بهم لا يلتبس الحق بالباطل ولا يستوي الأخيار مع الأشرار، ولا تروج بضاعة النفاق ولا يسود المجتمع المنافقون.

هم حراس الأمة من المتسللين الأدعياء، وهم صمام الأمان إذا أحدقت بالأمة الخطوب وتناولتها الأخطار، هم النجوم تضيء إذا تاه الدليل، أو تغيرت معالم الطريق، هذه النوعية من العلماء على الرغم من جدها وجهادها فهي مبتلاة في نفسها وأعراضها .. فالسهام موجهة إليها، والحسرة والمغرضون لا يألون جهدًا في التقليل من شأنها، وكيل التهم الفارغة لها .. ولا يزيدها ذلك عند الله إلا علوًا في الشأن، ولا عند الخلق إلا مزيدًا من الرفعة والمحبة والذكر الحسن.

وسأسوق لكم نموذجًا لهؤلاء العلماء العاملين الذين لم يسلموا من أسهم الموتورين فكانت سببًا لعلو شأنهم واستمرار ذكرهم عبر القرون.

حديث اليوم عن الإمام الشافعي مجدد الدين في القرن الثاني الهجري عالم عصره، وفقيه الملة، وصفه الذهبي بالثقة، الحجة، الحافظ (١).

قال عن نفسه- رحمه الله- حفظت القرآن وأنا أبن سبع سنين وكنت أقرئ الناس وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، وحفظت الموطأ قبل أن أحتلم (٢).

وقال عنه الإمام أحمد- رحمه الله-: وقد سئل عنه: لقد من الله علينا به، لقد كنا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا، فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالي فما رأينا منه إلا كل خير (٣).


(١) سير أعلام النبلاء ١٠/ ٤٨.
(٢) السير ١٠/ ٥٤.
(٣) السابق ١٠/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>