للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالين، خلق فسوى وقدر فهدى، وأخرج المرعى وكذلك يحي الموتى وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله بيده مقاليد السموات والأرض، وبيده مفاتيح الهدى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أزكى البشرية نفسًا وأطيبهم قلبًا، اللهم صلّ عليه وسلم وعلى إخوانه من الأنبياء، وعلى آله، وارض اللهم عن أصحابه والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.

أيها المسلمون، ومن الأدوية الناجحة بإذن الله لإصلاح القلوب ذكر الله تعالى، قال الله تعالى {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (١) فبذكر الله تأنس القلوب وتصفو الأرواح، ولكن ذلك هبة من الله يهبها لمن آمن به وتوكل عليه {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ} (٢).

ويكفي أن تعلم أخي السلم أن الفرق بين الذاكر لله والغافل عن ذكره كالفرق بين الحي والميت، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولاشكّ أنّ من أحبّ شيئًا تعلّق به وأكثرَ من ذكره، والذاكرون لله هم من أولياء الله والمحبون له، وأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وحتى نعلم أن الذكر هبةٌ وتوفيقٌ من الله تأمّل في سهولة الذكر، إذ لا يحتاج إنما طهارة، ولا إلى كلفة، وليس له أوقات مخصصة، ويستطيعه الإنسان قائمًا وقاعدًا، مسافرًا ومقيمًا، صحيحًا أو مريضًا ... ومع ذلك يتفاوت الناس فيه، فمنهم من لا يزال لسانه رطبًا بذكر الله، ومنهم من يجد صعوبة في استدامة ذكر الله، وهناك فئة ثالثة تشمئز قلوبها


(١) سورة الرعد/ الآية: ٢٨.
(٢) سورة الرعد، الآية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>