للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنْ داخل صفوفِها، ومنْ هنا فلا بدَّ للأمةِ أنْ تتقيَ اللهَ في ذاتِ نفسِها، وتصلحَ ذاتِ بينها.

قال العالمون: إنَّ هذهِ العقوباتِ التي تنزلُ بالمسلمين، وهذهِ الفتنَ التي تحلُّ بهمْ إنما هيَ منْ أنفسِهم وبذنوبِهم، واللهُ يقول: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (١).

ويقول جلَّ ذكرُه: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} (٢).

معاشرَ المسلمين: كمْ نغفلُ عنْ هذا الداء، وكمْ نقعُ فيهِ من أخطاء، ولربما أحالَ كلُّ واحدٍ منا المسئوليةَ على غيره، والتفتَ إلى كلِّ أحدٍ ولمْ يلتفتْ إلى نفسه، والخطأُ واردٌ والتقصيرُ حاصل، لا في العوامِّ بلْ وفي الخاصةِ والعلماء، وليس في الأشرارِ فقط بلْ وفي الأخيارِ وكلٌ بحَسَبهِ، نعمْ، خطأٌ وتقصيرٌ وغفلة على مستوى الرجالِ والنساءِ والأمراءِ والمأمورين، وفي الصغرِ وفي الكبار، وفي الأغنياءِ والفقراءِ وفي البرَّ والبحرِ ولا بدَّ لرفعِ العقوبةِ منْ توبتِنا جميعًا، ومن إنابتِنا جميعًا .. {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (٣).

إنَّ منَ الخطأ البيِّنِ أنْ تُعْزى المصائبُ الواقعةُ بالمسلمينَ اليوم -سواءً كانت أمنيةً أو سياسيةً أو اقتصاديةً أو نحوَها- إلى أسبابٍ ماديةٍ بحتة، وننسى أنَّ وراءَها أسبابًا شرعيةً هي أقوى وأمضى وأكثرُ أثرًا.

إنَّ منَ العقلِ تدبُّر الذاتِ وإصلاحَ النفوس، ومنْ أسبابِ رفعِ البلاءِ أنْ يُحدثَ


(١) سورة الشورى، الآية: ٣٠.
(٢) سورة النساء، الآية: ٧٩.
(٣) سورة الروم، الآية: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>