للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساهمتْ في بناءِ المساجد، والإنفاقِ على المجاهدين وأصحابِ الثُّغور، وإصلاحِ الطرق، وشقِّ الأنهار، وحفرِ الآبار، وإطعامِ الطعامِ وخدمةِ المسافرين، وفي خلافةِ عمرَ رضي الله عنه أمر باتخاذِ دورٍ للطعامِ من دقيقٍ وغيرِه لعابِرِي السبيلِ والمنقطِعين (١). وشَمِلَتْ هذه الوصايا والأوقافُ خدمةَ الموتى، وذلك بوقفِ المقابرِ، بل تجاوزتْ وصايا وأوقافُ المسلمين إلى غيرِهم من أهلِ الذِّمَّة رحمةً وتأليفًا لهم ودعوةً للإسلام، فقد نُقِلَ أمرُ عثمانَ وعليٍّ رضي الله عنهما بحفرِ أنهارٍ لأهل الذمة، ويُروى أن عليًا رضي الله عنه كتبَ إلى أحدِ أمرائِه يقول: ((أما بعدُ، فإن رجالًا من أهلِ الذمةِ من عملِك ذكروا نهرًا في أرضِهم قد عَفَا وادَّفنَ، وفيه عِمارةٌ على المسلمين، فانظُرْ أنتَ وهُم، ثم اعمُرْ وأصلِحِ النهرَ، فلَعَمْري لأنْ يعمروا أحبُّ إلينا من أن يخرجوا، وأن يَعجِزوا أو يُقصِّروا في واجبٍ من صلاحِ البلادِ، والسلام)).

نعم إنَّ الأوقافَ كما تكونُ من الأفرادِ تكونُ من الدولِ، وكما تكون من الأغنياءِ تكونُ من غيرِهم، وهذا خالدُ بنُ الوليدِ رضي الله عنه لا يملكُ كما يملكُ غيرُه من الضِّياع والأموال .. لكنه يُوقِفُ أغلى ما يملكُ آلتَه وسلاحَه وعتادَه الحربيَّ، ويُثْني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على خالدٍ ويقول: ((إنَّكم تَظلِمونَ خالدًا وقد احتَبَسَ أدراعَه وأعتادَه في سبيل الله .. )) رواه مسلم (٢).

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} (٣).


(١) تاريخ عبد الملك بن حبيب، ١٠٦.
(٢) في كتاب الزكاة: باب تقديم الزكاة، ح (٩٨٣).
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>