والثلثُ كبيرٌ)) (١)، ولكنّ المقصودَ التنبيهُ إلى ما قد يَغفُلُ عنه كثيرٌ من الناسِ حين يعتقدون أن كلَّ صدقاتِهم لا تُنفَّذ إلا بعدَ المماتِ، أو أن الوقفَ لا تسري منافعُه حتى يموتَ مُوقِفُه - فذلك الخطأُ الذي ينبغي التنبيهُ له، وينبغي أن يستشعرَ الأغنياءُ قيمةَ وأهميةَ ونفعَ الوقفِ الناجزِ، ولئِنْ كان الواقعُ يشهدُ بوجودِ هذا النوع من الأوقافِ الناجزة - فلا يزالُ عددٌ من الأغنياءِ لا يعتمدونَ هذا النوعَ من الأوقاف.
وواقعُ المسلمين الحاضرُ يشهدُ على الحاجةِ لذلك، فكم من الفقراءِ والمحتاجين في الداخلِ أو في الخارجِ يحتاجون إلى إنفاقٍ دائم، ومع ما تقومُ به الجمعياتُ والمؤسساتُ الخيريّةُ، وما يقومُ به الأغنياء من أُعطِيَاتٍ وصدقاتٍ، إلا أنَّ هذه الأوقافَ - حين توجدُ وتتكاثرُ - ستسدُّ حاجةً كبيرةً لهؤلاء.
والدعوةُ إلى اللهِ بمشاريعِها الواسعةِ وبنفقاتِها المتعدِّدةِ تقومُ اليومَ في عددٍ من الدولِ والمؤسَّساتِ على صدقاتٍ مقطوعةٍ، ومعوناتٍ متقطِّعةٍ يُؤثِّرُ توقفُها أو ضعفُها على انتشارِ الدعوة ونشاطِ الدعاة، وحين تتكاثرُ الأوقافُ الناجزةُ والهِبَاتُ والعطايا العاجلةُ، لا شكَّ أنها تُسهِم في نشاطِ الدعوة وحيويةِ الدعاة. وستظلُّ هذه الأوقافُ المحبوسةُ الأصولِ مورِدًا للدعمِ ما بقيتْ هذه الأوقافُ.
إنَّ طباعةَ الكتبِ وتوزيعَ الأشرطةِ النافعةِ تحتاجُ إلى دعمٍ مستمرٍّ، وإطعامَ الجَوْعى وسقيَ العَطْشى، وتأمينَ الغذاءِ والكساءِ لمن يحتاجُ إلى استمرارِ الصدقاتِ وتدفُّقِ التبرُّعات، والأوقافُ والوصايا ينبغي أن تُسهِمَ بتمويلِ هذه المشاريع لصالحِ الدعوةِ وحمايةِ المسلمين من مَعُونةِ غيرِ المسلمين، إذِ المعونةُ من غيرِ المسلمين تسيرُ في الغالبِ لأهدافٍ تنصيريةٍ أو على الأقلِّ لطمسِ معالمِ الهُويةِ المسلمةِ.
أيها المسلمون: إنَّ المتأملَ في تاريخِ المسلمين يرى أنَّ هذه الأوقافَ