رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:((بخ يا أبا طلحةَ، ذلك مالٌ رابحٌ، قَبِلْناه منكَ، ورَدَدْناه عليكَ، فاجعَلْه في الأقربينَ)) فتصدَّقَ بها أبو طلحةَ على ذَوِي رحمِه - وفي لفظٍ: فَقَسَمَها أبو طلحة في أقاربِه وبني عمِّه)) (١).
أيها المسلمون: ومن خلالِ هذينِ النموذجينِ في الأوقافِ والصدقاتِ تتبيَّنُ الأمورُ التالية:
١ - إن هذا الجيلَ كان حريصًا على الخيرِ والبَذْل، والدليلُ على ذلك أنهم كانوا يَبذُلون أغلى ما يَملِكون، ومن رامَ التشبيهَ بهم فليتخلَّصْ من شُحِّ نفسِه، وليستجيبْ لنداءِ ربِّه:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}.
٢ - وإنَّ الوقفَ أو الصدقةَ الناجزةَ أَوْلى من الوقفِ بعد المماتِ ولماذا؟ لأن في ذلك انتصارًا على شُحِّ النفس، فالحيُّ يخشى الفقرَ ويأملُ الغِنى بعكس الميتِ، فالمالُ من بعدِه للوارثِ.
٣ - ولأن المُوقِفَ يَرى في حياتِه أثرَ وقفِه ويتصرَّفُ فيه بما يُصلِحُه ويُدِيم نفعَه، ومهما بلغَ الوارثُ من الحرصِ على وقفِ مورِّثِه أو وصيتِه فلن يكونَ بدرجةِ حرصِ المُوقِف نفسِه.
٤ - بل ربما تعرَّضَ الوقفُ المؤجَّلُ إلى معوِّقاتٍ ومشاكلَ، والواقعُ يشهدُ على تعطُّلِ منافعِ عددٍ من الوصايا والأوقافِ، بل ربما زادَ الأمرُ فأحدثتْ هذه الوصايا والأوقافُ من المشاكلِ بين الوَرَثةِ والقطيعةِ بين الأرحامِ ما يَندَى له الجبينُ.
إخوةَ الإسلام: ولا نعني بذلك التحذيرَ من الأوقافِ والوصايا المنفَّذةِ بعد الممات، فالوصيةُ بجزءٍ من المال بعد الموتِ أمرٌ مشروعٌ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الثلثُ