أيها المسلمون: ولئن سألتم عن العلاج وطرق اكتساب الأخلاق الفاضلة، فهي كثيرة ... ولكنها محتاجة إلى صدق ويقين وحزم وعزم ومجاهدة للنفسِ وترويضٍ لها.
وهذه أولى القواعد، وهي منطلقة من قاعدة:«إنَّما العلم بالتعلم والحلم بالتحلُّم»، وكم أفلح المروضون لأنفسهم والمزكون لها: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (١).
ولا بد ثانيًا من انتزاع معوقات اكتساب الأخلاق الفاضلة من النفس، فإذا كان الطمعُ والخوفُ من أهم هذه المعوقات فيمكن استبعادُهما بالثقة بما عند الله والتوكل عليه وحده.
وهكذا ينبغي أن يُنتزع من النفس كلُّ خُلقٍ رديء يعوِّقُ عن اكتساب الخلُق الحَسَنِ.
٣ - ومن الأمور المعينة على اكتساب الأخلاق الفاضلة، تقديرُ الأمور العامة في التربية والتأكيدُ عليها، فالأبوان مثلًا عنصرٌ مهم في التربية، وللعلماء دور في قيادة الأمة وتوجيهها، ويوم أن تسقط هيبةُ الوالدين عند الأولاد أو يقل تقدير العامة لأهل العلم فإن مؤشر الأخلاق ينحدر، وتُحطَّم الحواجز، ويقود السفينة غيرُ ربانها.
٤ - وقراءةُ السير وتراجم النبلاء طريقٌ من طرق اكتساب الأخلاق، ويقال: تراجمُ الرجال مدارسُ الأجيال، ومعلومٌ أن الخير مُفرَّق بين الناس - قديمًا وحديثًا - فهذا حليم، وهذا شجاع، وذاك كريم، ورابع يضرب المثلُ بصبره ... وهكذا، والإطلاعُ على هذه في تراجم أصحابها يدعو الأجيال اللاحقة لمحاكاتها،