للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتتحسّن أخلاقهُم، وتتهذب سلوكياتهم، ويتصل أواخرُ هذه الأمة بأوائلها.

٥ - وتقديرُ مشاعرِ الآخرين طريق لاكتساب الخُلق الفاضل، ومن جَليل الحكم: وآتِ للناس الذي تحبُّ أن يؤتى إليك، وأحبَّ للناسِ ما تحبه لنفسك. وصاحبُ هذا الشعور كلما همَّ بخلقٍ سيّئٍ للآخرين تذكر كرهَه هو لإساءة الآخرين له فأقلع عما هَمَّ به.

٦ - والشكرُ والاعترافُ بما أنعم اللهُ به عليك طريقٌ مهم لاكتساب الأخلاق الفاضلة، ذلك أن في النفس شرهًا وكفرانًا للنعم لا تستقيم معه الأخلاقُ الفاضلة، وتقييدها بلجام الشكرِ لله على كل نعمة، وسؤاله المزيد من فضله، وتذكر من هو أقلَّ منه، أو من حُرم النعمة التي أُوتيها كل ذلك يهذب النفس من جانب، ويدعو لمزيد من النعم: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (١).

٧ - ولا بد من الاعتدال والتوازن لمن يريد اكتساب الأخلاق الفاضلة، والحدُّ الوسطُ في الاعتدال كما قيل أن تُعطيَ من نفسِك الواجبَ وتأخذَه، وحدُّ الجور: أن تأخذه ولا تعطيه (٢).

٨ - وثمة أمرٌ مهم لاكتساب الخُلُق الفاضل ألا وهو الدعاء، فلا تجعل بينك وبين الله وسائط في سؤال أيِّ نعمةٍ، ومنها الخلق الحسن، وقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم في استفتاح الصلاة: «واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت» (٣).

فإذا كان هذا دعاءَ من قيل له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (٤)، فكيف يزهد غيره بالدعاء عامة وفي حسن الخلق خاصة؟ !


(١) سورة إبراهيم، الآية: ٧.
(٢) ابن حزم: الأخلاق والسير.
(٣) رواه النسائي بإسناد صحيح (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ص ٧٤، د. الأشقر، نحو ثقافة: ١٦٣).
(٤) سورة القلم، الآية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>