وصنفٌ ثالثٌ هم المعظمونَ لما عظّمه الله، والواقِفونَ عندَ حدودِ السنّةِ والمُقْتَدونَ بهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأولئكَ أهلُ السُّنَّةِ وأصحابُ المنهجِ الحقِّ .. فلا يحيفونَ، ولا يغلونَ، ولا إفراطَ ولا تفريط.
عبادَ الله: وفي شهرِ رجب بدعٌ أحدثتها الرجبيةُ، وليس عليها مستندٌ شرعي، ولابن حجرٍ رحمه الله رسالةٌ عنوانها «تبيين العجب بما وردَ في فضلِ رجب»، وقد قال رحمه الله في هذه الرسالة: لم يرد في فضل شهرِ رجبٍ ولا في صيامِه ولا في صيامِ شيءٍ منه معيَّن، ولا في قيامِ ليلةٍ مخصوصةٍ منه حديثٌ صحيحٌ يصلحُ للحُجّةِ. ثم ساقَ رحمَه اللهُ عامةَ الأحاديثِ المرويةِ في ذلك مع بيانِ الحكمِ عليها.
وقال ابنُ رجب رحمَه الله:«لم يصحَّ في شهرِ رجَب صلاةٌ مخصوصةٌ تختصّ به. وقال: لم يصح في فضل صومِ رجبٍ بخصوصه شيءٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه». ولذا فقد كرهَ السلفُ إفرادَ رجب بالصيام (١).
ومما ذكرهُ العلماءُ من بدعِ رجب:
١ - صلاةُ الرغائبِ: وهي صلاةٌ تصلَّى في أوَّل ليلةِ جمعةٍ من شهرِ رجب .. وكلُّ ما وردَ فيها من أحاديثَ فهيَ موضوعةٌ، ولم يثبت منها شيءٌ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولا أثرٌ عن أصحابه رضوانُ الله عليهم.
٢ - تخصيصُه بالصيام: وهو كذلك لم يرد، بل جاءَ أنّ عمرَ رضي الله عنه كان يضربُ أكفَّ المترجِّبينَ - أي الذين يصومونَ في رجب - حتى يضعها في الطعامِ، ويقول: كُلوا فإنَّ الجاهليةَ يُعظِّمونَ ذلك - أي شهرَ رجب.
٣ - وكذلك العمرةُ في رجب: فليسَ لها مَزيةٌ على غيرهَا، وليس في هَدْي المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يرغبُ في ذلك بخصوصها.