للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأيُّ خير يرجى في هذه البدع .. وكيف ساغ للمسلمين أن يتشبثوا بها إلى زماننا هذا، زمان العلم والمعرفة والوعي بتاريخ الأمور سلفًا وخلفًا.

ومن هذه البدع بدعة القيام ليلة النصف من شعبان، وتخصيصها بعبادات وأذكار وأدعية لم ترد في الشرع المطهر ولم تؤثر عن النبي ولا صحابته الغرر.

ومن هذه البدع بدعة الرجبية الذين يعظمون أيامًا أو ليالي من شهر رجب، ولاسيما ليلة السابع والعشرين منه إذ يزعمون أن ليلة الإسراء وقعت فيه، ولم يثبت ذلك بالنقل الصحيح ولو ثبت لم يكن ذلك مسوغًا لتعظيم هذه الليلة أو غيرها من ليالي رجب، وهناك من يعتقد أفضلية خاصة لشهر رجب فتراهم يخصونه بعبادات لا يعلمونها في غيره، وربما فضله بعضهم على شهر رمضان .. وهكذا تفعل البدع بأصحابها، وكذلك يصرف الشيطان الجهلة عن الفاضل إلى المفضول، وصدق من قال: لا تعمل بدعة إلا أبطلت سنة.

ومن البدع ما يتكرر في اليوم أكثر من مرة، كبدعة النية في الصلاة حين إرادة الدخول فيها فيقول القائل (اللهم إني نويت أن أصلي لله كذا وكذا من الركعات لصلاة كذا (فيسميها) وأين من قال ذلك من الصالحين والأئمة المهديين؟ هذا من ناحية النقل، أما العقل فهل يسوغ أن تُعْلِم العليم الذي يعلم السر وأخفى أنك تريد أن تصلي له كذا وكذا؟ إنها بدع متوارثة حري بالمسلم أن يسأل عن أصلها وحكمها ... وقمنٌ به أن يُقلع عنها إذا تيقن له الخطأ في فعلها.

أعوذ الله من الشيطان الرجيم {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (١).

نفعني وإياكم بهدي كتابه ...


(١) سورة القصص، الآية: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>