للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف، رحمهم الله، ومن تعدى سبيلهم عامدًا ضل، ومن تعداها مجتهدًا زلَّ، فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل، وتفهمه ... (١).

وقال الحافظ النووي، رحمه الله: (وينبغي أن يبدأ من دروسه على المشايخ، وفي الحفظ والتكرار والمطالعة بالأهم فالأهم، وأول ما يبتدئ به حفظ القرآن العزيز فهو أهم العلوم، وكان السلف لا يُعَلِّمون الحديث والفقه إلا لمن حفظ القرآن ... ) (٢).

أيها المسلمون، وإذا كان هذا منهجهم في تقديم القرآن في طلب العلم، فلا تسأل عن التزامهم بهدي القرآن، ووقوفهم عند الحلال والحرام، والعمل بمحكمه والإيمان بمتشابهه، وكان السلف، رحمهم الله، وقَّافين عند كتاب الله، لا يتجاوزون هديه، ولا يعدلون شيئًا بحكمه، ومن قرأ في سيرهم وخبر آثارهم، عرف ذلك جليًا في حياتهم- ولولا مخافة الإطالة لسقت لكم نماذج- ولذا سادوا الدنيا، ورفعهم الله في الآخرة مكانًا عليًّا، وحين تخلَّف المسلمون اليوم عن هدى القرآن، واتخذوه مهجورًا، سامهم الأعداء سومًا، وبات رصيدهم للآخرة قليلاً، وكل ذلك جزاءً وفاقًا، ولا يظلم ربك أحدًا.

فهل نتخذ- معاشر المسلمين- فرصةً لنعيد النظر في أنفسنا، وموقفنا من كتاب ربنا، إن ذلك خليقٌ بنا في شهر الصيام وبعده، ولعلَّه يكون أثرًا من آثار تقوى الصيام.

اللهم أصلح أحوالنا، وردَّنا إليك ردًا جميلاً، اللهم حكم في المسلمين كتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ..


(١) جامع بيان العلم وفضله ٥٢٦، ٥٢٨ عن النبذ في آداب الطلب/ للعثمان/ ٦٣.
(٢) مقدمة المجموع، شرح المهذب ١/ ٣٨ عن: النبذ في آداب الطلب/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>