للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (١) وتأمل معنى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً (٦٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً} (٢).

عباد الله، وبإزاء هذه الصورة الهاجرة للقرآن، فهناك صورة التعظيم والتقديم لكتاب الله، يقدرها حق قدرها العلماء والربانيون الذين يعلمون منزلة الكتاب، وما فيه من أحكام وآداب، ووعد ووعيد، ولذا تراهم يقدمون تعلمها على كل شيء، حتى ولو كانت من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.

روى البخاري في صحيحه عن حذيفة، رضي الله عنه، قال: حدثنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حديثين، رأيتُ أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة ... وحدثنا عن رفعها قال .... [الحديث ٧٠٨٦].

قال ابن حجر معلقًا: قوله: «ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة» كذا في هذه الرواية بإعادة (ثم) وفيه إشارة إلى أنهم كانوا يتعلمون القرآن قبل أن يتعلموا السنن، والمراد بالسنن ما يتلقون عن النبي صلى الله عليه وسلم واجبًا كان أو مندوبًا (٣).

ويقول أبو عمر بن عبد البر يرحمه الله: طلب العلم درجات ومناقب ورتب،


(١) سورة النساء، الآية: ٦٥.
(٢) سورة النساء، الآيتان: ٦٠، ٦١.
(٣) الفتح ١٣/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>