للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يسلمُ من الوقوع في هاوية الرذائل إلا من عصمَه اللهُ، وأدرك خطورةَ المشاهدةِ أولًا، وخطورةَ الاستجابةِ لما بعد المشاهدةِ ثانيًا.

عبادَ الله: إنني أخاطبُكم جميعًا، ذُكرانًا وإناثًا، صغارًا وكبارًا .. واسمحوا لي أن أَخُصَّ بالخطاب أكثر الشبابَ والشاباتِ، فهم أكثرُ من غيرهم تأثُّرًا، والمروِّجون للفسادِ يُراهنون عليهم أكثر من غيرهم .. وحين أخصُّ هؤلاء وأخاطبكم جميعًا، أقفُ الوقفاتِ الثلاث التاليةِ في سبيل دَرْءِ الخطرِ، والتحصُّن من آثار هذه الفتنةِ:

الوقفة الأولى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (١).

إنه أصدقُ خطابٍ وأرحمُ خطاب، يوجِّهه الرحمنُ الرحيمُ، والخلاقُ العليمُ لمن خلقَ، وهو أعلمُ بمن خَلقَ، إن في غضِّ الأبصار، وحفظِ الفروج تزكيةً للنفوس، وطهارةً للقلوب {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (٢).

وحين يعالج المرءُ نفسَه على غضّ بصرِه عمّا حرم اللهُ عليه، يورثه اللهُ حلاوةً في قلبه، ويَسلمُ من منغّصاتِ هذه النظرةِ وآثارِها، والمتأمّل في الآيةِ يرى البدءَ بغضِّ البصَرِ قبل حفظِ الفرج؛ لأن البصرَ رائدٌ للقلب، كما قيل:

ألم ترَ أن العينَ للقلبِ رائدٌ فما تألفُ العينانِ فالقلبُ آلفُ

قال العارفون: البصرُ هو البابُ الأكبرُ إلى القلب، وأعمرُ طرقِ الحواسِّ إليه، وبحسبِ ذلك كثُرَ السقوطُ من جهتِه، ووجب التحذير منه (٣).

ألا فاحذر يا عبدَ الله، وجاهدْ نفسَك عن النظرةِ المحرّمةِ، فإن الشيطانَ يريد منك ما بعدَها، وإذا كنتَ تنفرُ من كلمة الزنا وتَستوحشُ من آثارها - وحُقَّ لك ذلك - فهل علمتَ أن النظرةَ المحرَّمة زنا العينين، وفي «صحيح» مسلم قال صلى الله عليه وسلم:


(١) سورة النور، الآية: ٣٠.
(٢) سورة النور، الآية: ٣٠.
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ١٢/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>