للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأعلى صوتِه: أشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، فثارَ القومُ فضربوه حتى أضجعوه .. حتى تدخَّل العباسُ رضي الله عنه وأَكبَّ عليه فتركوه.

فمن يكون هذا الصحابيُّ المِقدامُ، والباحثُ عن الإسلام رَغمَ المصاعِبِ والآلام؟

إنه أبو ذرٍّ الغِفاريُّ رضي الله عنه «أولُ من حيّا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بتحيةِ الإسلام» (١).

نموذجٌ في الصدق «ما أقلَّتِ الغبراءُ، ولا أظلَّت الخضراءُ أصدقَ لهجةً من أبي ذر» (٢).

وفي العلم له قدمُ صِدْقٍ حتى قال عليٌّ رضي الله عنه: «أبو ذرٍّ وعاءٌ مُلئَ علمًا ثم أُوكي عليه» (٣).

لم يشهد أبو ذرٍّ بدرًا، ولكنّ عمرَ ألحقه بهم، وكان - كما يقال - يوازي ابنَ مسعود في العلم (٤).

أبو ذر رضي الله عنه تحمّل في سبيلِ الإسلامِ وأيامه الأُولى أذى قريش، لكنه دقَّ مسمارًا في نَعْشِ دِيانتهم، وحطمَ كبرياءَهم، وأسمعهم كلمةَ الحقِّ وهم كارهون.

ولئن آذوه - وهو يُعلنُ إسلامَه - فقد آذوه من قبلُ وهو في طريقِ البحثِ عن الإسلام حين مالَ عليه أهلُ الوادي بكلِّ مَدَرَةٍ وعَظْمٍ حتى خَرّ مغشيًّا عليه، ثمّ ارتفعَ وكأنه نُصُبٌ أحمرُ (٥) (يعني من كثرةِ الدماء).


(١) أخرجه مسلم.
(٢) رواه أحمد وأبو داود كما في «الإصابة» ١١/ ١٢٢.
(٣) أخرجه أبو داود بسندٍ جيد عن علي رضي الله عنه كما في «الإصابة» ١١/ ١٢٢.
(٤) السابق ١١/ ١٢٢.
(٥) أخرجه مسلم برقم (٢٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>