للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاءه الغوث من السماء {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ} (١).

وحينَ أوشكَ المشركونَ أنْ يَصِلوا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وصاحبِهِ وهُما مخْتفَيانِ في الغارِ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لصاحبه: «لا تحْزنْ إنَّ اللهَ مَعَنا» فتنَّزلت السكينةُ وحُفِظوا مِنْ كيدِ الأعداءِ وتحوَّلَ الضعفُ على قوة والخوفُ إلى سكينةٍ {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} (٢).

عبادَ اللهِ: ويستَدْعي ضعفُنا أنْ نشكرَ اللهَ على السرّاءِ وأنْ نصبرَ على الضرّاءِ، فبالشكرِ تدومُ النِّعَمُ، وبالصبرِ والتجلُّدِ تنقشعُ البلواءُ والمصائبُ والمحنُ.

أجلْ، إن الإنسان يتقلبُ في هذه الحياةِ بين يُسرٍ وعُسرٍ، ورخاءٍ وشدّةٍ، وغنًى وفقرٍ، وصحةٍ وسُقمٍ، وقوةٍ وضعفٍ .. والموفَّقُ مَنْ شكرَ على السرّاءِ وصبرَ على الضرّاءِ، ولقدْ فَقِهَ عبادُ اللهِ المرسلون سِرَّ الابتلاء في كلِّ حالٍ .. فهذا سليمانُ عليه السلامُ حينَ آتاه اللهُ منْ فضلِهِ ما شاءَ وسخَّرَ له من الجنودِ ووهبَهُ مِنَ القوةِ والمُلكِ ما فاقَ أهلَ الزمانِ، اسْتَشْعَرَ فضلَ اللهِ ومِنَنَه، وأحسَّ ببلوَى السرّاءِ وحاجتِهِ للشكرِ وقالَ: {قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (٣).

وهذا أيوبُ عليهِ السلامَ حينَ أصابَهُ الضرُّ وابتلاهُ اللهُ بالسُّقمِ صبرَ واحتسَبَ وتوجَّهَ إلى اللهِ بكشفِ الضرِّ فقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ... } (٤).


(١) سورة هود، الآيتان: ٨٠، ٨١.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٤٠.
(٣) سورة النمل، الآية: ٤٠.
(٤) سورة الأنبياء، الآيتان: ٨٣، ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>