للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية فطلبني فلم يجدني، فكتب إلي كتابًا فإذا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك، ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك، وقال: «أين خالد؟ ».

فقلت: يأتي به الله، فقال: «مثله جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرًا له، ولقدمناه على غيره». فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة. قال خالد: فلما جاءني الكتاب نشطت للخروج، وزادني رغبة في الإسلام وسرني سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عني، وأرى في المنام كأني في بلاد ضيقة مجدبة، فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة. وكذلك وقع الإسلام في نفس خالد وانتهى به المطاف إلى الإسلام ومبايعة النبي صلى الله عليه وسلم، واحتفى النبي بخالد منذ إسلامه، وحاول خالد أن يكفر عن سابقته، فخرج مع المسلمين (لمؤتة) لمجابهة الروم، وكان البلاء هناك واستشهد أمراء المسلمين الثلاثة زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، واستلم الراية بعدهم خالد بن الوليد، ففتح الله عليه .. وأخبر النبي أصحابه عن المعركة وشهداء المسلمين، وعيناه تذرفان حتى قال: «حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليه» (١).

أيها المؤمنون .. لم يكن بين إسلام خالد وبين خروجه مع المسلمين وما فتح الله عليه في مؤتة إلا ما يقرب من أربعة أشهر؛ فإسلامه في صفر سنة ثمان، ومؤتة في جمادى الأولى من السنة نفسها (٢).

ومنذ ذلك الحين واسم خالد يتردد في الملأ، ويحمل تاج (سيف الله


(١) أخرجه البخاري ح ٤٢٦٢ (الفتح ٧/ ٥١٢).
(٢) (ابن كثير ٤/ ٢٦٧، ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>