للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإصلاح من صفات المؤمنين ومن لوازم الأخوة {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} (١).

وتأملوا وقفة ابن العربي يرحمه الله حول تفسير قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وما فيها من إشارة وفهم للمسؤولية الفردية والجماعية يقول رحمه الله: «هذا حكمٌ من الله تعالى نافذٌ في الدنيا والآخرة وهو ألا يُؤاخذ أحدٌ بجرم أحدٍ، بيد أنه يتعلق ببعض الناس من بعض أحكام في مصالح الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .. إلى أن يقول: والأصلح في ذلك كله أن المرء كما يُفترض عليه أن يُصلح نفسه باكتساب الخير، فواجب عليه أن يصلح غيره بالأمر به، والدعاء إليه، والحمل عليه، وهذه فائدة الصحبة، وثمرة المعاشرة، وبركة المخالطة، وحسن المجاورة، فإن أحسن في ذلك كله كان معافًى في الدنيا والآخرة، وإن قصَّر في ذلك كلِّه كان معاقبًا في الدنيا والآخرة، فعليه أولًا إصلاح أهله وولده، ثم إصلاح خليطه وجاره، ثم سائر الناس بعده بما بيناه من أمرهم ودعائهم وحملهم، فإن فعلوا وإلا استعان بالخليفة لله في الأرض عليهم، فهو يحملهم على ذلك قسرًا، (ثم يقول): ومتى أغفل الخلقُ هذا فسدت المصالح وتشتت الأمر، واتسع الخرق، وفات الترقيع، وانتشر التدمير» (٢).

أيها المسلمون! ! خذوا على سبيل المثال لا الحصر، أمرين نهى عنهما الإسلام وحذر من آثارهما على الفرد والمجتمع، يتعلق أحدهما بحفظ الأنساب وسلامة الأعراض، ويتعلق الآخر بحفظ الأموال وصيانتها عن الحرام: الزنا، والربا. تضافرت نصوص الكتاب والسنة على تحريمهما، بما لا يخفى، ولكن السؤال


(١) سورة الحجرات، آية: ١٠.
(٢) أحكام القرآن ٢/ ٣٠٠، المسؤولية الخلقية .. الحليبي ص ٢٤٥، ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>