أيها المؤمنون استقبلوا هذا الشهر بالفرح والبشرى والعزيمة الصادقة على الرشد، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم .. وليكن هذا العام خيرًا من أعوام خلت، فلعل بعضكم يدركه هذا العام ويكون في العام القابل في عداد الموتى.
كم هي نعمة أن يدرك المرء شهر الصيام وهو موفور الصحة، قوي البنية، آمنًا في سربه، عنده قوت يومه وليلته، فضلاً أن يكون عنده ما يقتاته لبضع شهور- بل لبضع سنين، إنها نعمة ومغنم، ولكن لا يعقلها إلا العالمون، ولا يقدرها حق قدرها إلا الموقنون، ولا يحس بقيمتها إلا المجربون، تصور يا أخا الإسلام إخوانًا لك طالما شغلوا بمعاشهم وما يسد رمقهم، أو أشغلتهم الحروب المدمرة عن عبادة ربهم، أو أخل بطمأنينة العبادة لديهم انعدام الأمن في أرضهم وديارهم، ماذا لو كنت بجوارهم وحل بكم شهر الصيام- لا شك أنك ستتألم وتتمنى لو كنت من المصائب واللأواء سالمًا، وأنك قمت لله قانتًا- وصمت يومك لله خاشعًا شاكرًا، فاعقل ما أنت فيه من نعمة .. وتذكر ما أنت فيه من عافية، واسأل ربك دائمًا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، وكن لربك من الشاكرين، ولفرص الخير من المبادرين، وإياك إياك أن تحصد الشوك والشرور، وذلك ما اقترفت يداك وما ربك بظلام للعبيد، في وقت يحصد فيه غيرك ما لذ وطاب من الثمار، وتلك وربي هي الخسارة التي لا تعوض بثمن- ولا رجعة فيها ولا ينفع الندم.
إخوة الإسلام .. فطالما بدأت القلوب بوابل المعاصي، فطهروها بالقرآن وطالما تعفنت البطون بكثرة المطاعم والمشارب فأصلحوها بالصيام. وطالما غفلنا وفرطنا فلنعد إلى الله في شهر رمضان فأبواب السماء تفتح، ومردة الشياطين تصفد- يزين الله في هذا الشهر جنته .. وتنادي الحور أن هلموا