للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثمن كثرة السجود ومداومة الذكر، ومراقبة المولى جل جلاله .. والاستغفار حين طلوع الشمس وحين غروبها في الأسحار.

وما أعز التوبة وأغلاها في كل زمان .. ولكن المرء يعان عليها في شهر الصيام، وشهر رمضان شهر التوبة والإنابة إلى الملك العلام، وإذا هممت بالتوبة يا أخا الإسلام فلتكن توبة نصوحًا تلك التي قال عنها الجليل في محكم التنزيل وهو ينادي المؤمنين أجمع {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير} (١).

أتدري أيها التائب ما التوبة النصوح؟ وما شروطها؟ وما علامتها؟

لقد ذكر العلماء عدة أقوال في التوبة النصوح أوصلها القرطبي يرحمه الله إلى ثلاثة وعشرين قولاً، أذكر لك بعضًا منها، فروي عن عمر وابن مسعود وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم: هي التي لا عودة بعدها، كما لا تعود اللبن إلى الضرع (٢).

وقال الحسن: النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره.

وقال الجنيد: التوبة النصوح هو أن ينسى الذنب فلا يذكره أبدًا لأن من صحت توبته صار محبًّا لله، ومن أحب الله نسى ما دون الله.

وقال القرطبي: يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيء الخلان.


(١) سورة التحريم، الآية: ٨.
(٢) ورفعه بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم والموقوف أصح، كما نقل ابن كثير في تفسيره (٨/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>