إن الإخلاص يستدعي -فيما يستدعي - نفوسًا كبيرةً لا يأسرها التفكير باللحظة الحاضرة، بل تتطلع إلى الثمرة المستقبلية للإخلاص، ويستدعي كذلك ضبط النفس عن مزالق الفتن والشهوات، ويستدعي الثبات على الحق في الملمات، حتى وإن نال النفس شيءٌ من المصاعب والمتاعب. ولقد كان سحرةُ فرعون نموذجًا لهذا حين خالط الإيمان قلوبهم، وانطلقوا من قاعدة الإخلاص واليقين يقولون لفرعون: {فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (١).