قال الذهبي في تفسير ضعف أبي ذر:(فهذا محمول على ضعف الرأي، فإنه لو ولي مال يتيم لأنفقه كله في سبيل الخير، ولترك اليتيم فقيرًا، والذي يتأمر على الناس يريد أن يكون فيه حلم ومداراة، وأبو ذر رضي الله عنه كانت فيه حدة، فنصحه النبي صلى الله عليه وسلم ألا يتولى أمر الناس)(١).
وإذا كان هذا توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من أصحابه النجباء والسابقين إلى الإسلام، فقد وجه أحد أصحابه - وهو بعد حديث عهد بالإسلام - إلى أن يقود سرية فيها من أمثال أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وأمثالهم رضي الله عنهم .. أجل لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه على سرية ذات السلاسل في السنة الثامنة للهجرة .. ولم يجد الرسول ولا صحابته في أنفسهم شيئًا ..
إنها القدرات والمواهب تستثمر، والرجل المناسب يوضع في المكان المناسب، ولا يعني ذلك بحال الأفضلية المطلقة للأمير ولمن ولي، ولا التقليل من شان المأمور ومن ولي عليه فلنفقة هذه المعالم النبوية في الولاية والتعامل مع القدرات.
إن صلاح الذات ليس مؤهلًا وحده لتولي أمور الناس، كما أن صاحب المطامع الشخصية، وضعيف الأمانة، ورقيق الديانة لا يولى ولو كان خبيرًا بالسياسة، قادرًا على القيادة، ومن هنا نعود إلى القرآن لنجد فيه شرطين مهمين لمن يولى ويستأجر:{إن خير من استأجرت القوي الأمين}.
فالقوة والأمانة جناحان يطير بهما من رشح لولاية في الإسلام إلى بر الأمان، ومراق العزة، والكرامة، وتحقيق العدل والسعادة، الأحياء، وفي مجتمعنا الأصل فيه