للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجلْ يا عبادَ اللهِ! إنَّ دِينَ المسلمِ عزيزٌ عليهِ، ويَنبغي أنْ يجتهدَ أنْ يَلقى اللهَ وهُوَ غيرُ مفتونٍ، وأنْ يجاهدَ نفْسَهُ بالحذرِ منَ الفتنِ، وهنا تَرِدُ أسئلةٌ ثلاثةٌ، وأجتهدُ في الإجابةِ عنها:

١ - لماذا نَحذَرُ ونُحذِّرُ منَ الفتن؟

٢ - ومَنْ يُسهِمُ في إشعالِ فتيلِ الفتنِ؟

٣ - وكيفَ نُساهمُ في دفعِ الفتنِ؟

تلكَ أسئلةٌ ثلاثة أكتفي بعرضِها، وإنْ كانَ ثمَّةَ أسئلةٌ أُخرى لا تقلُّ أهميةً عنها، ولعلَّ اللهَ أنْ يُيسِّرَ لعرضِها والإجابةِ عنها.

أمّا: لماذا نَحْذَرُ ونُحذِّرُ منَ الفتنِ؟

فالعالِمونَ والعارفونَ والعقلاءُ يحذِّرونَ منْ وقوعِ الفتنِ؛ لأنهمْ يُقدِّرونَ ما بعدَها، ويتخوَّفونَ ممّا تصيرُ إليهِ في بَدْئِها أو منتهاها، بعكسِ الجَهَلةِ ومَنْ تغلِبُ عواطفُهمْ عقولَهمْ، ولا يتحسَّبونَ للعواقبِ.

ولهذا أخرجَ البخاريُّ في «صحيحهِ» في بابِ «الفتنة» التي تموجُ كموجِ البحرِ» ... : وقالَ ابنُ عيينةَ عن خلفِ بنِ حَوْشَبٍ: كانوا يستحبُّونَ أنْ يتمثَّلوا بهذهِ الأبياتِ عندَ الفتنِ، قالَ امرُؤ القيسِ:

الحربُ أولُ ما تكونُ فتيَّةً ... تَسْعَى بزينتِها لكلِّ جَهُولِ

حتَّى إذا اشتعلتْ وشبَّ ضِرامُها ... ولّتْ عجوزًا غيرَ ذاتِ حَليلِ

شمطاءَ يُنكَرُ لونُها وتغيّرتْ ... مكروهةً للشمِّ والتقبيلِ (١)

قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ: والمرادُ بالتمثلِ بهذهِ الأبياتِ استحضارُ ما شاهَدُوهُ


(١) الصحيح مع الفتح ١٣/ ٤٧ بكتاب الفتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>