للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشيعتِه وحزبِهِ، والناسُ في هذا بين مُستقِلّ ومستكثرٍ ومحروم، والفضلُ بيدِ اللهِ يؤتيه من يشاءُ والله ذو الفضل العظيم» (١).

عبادَ الله: وتقديرُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وإجلاله تحدَّث عنها البُلغاءُ، وصاغها الشعراءُ قصائدَ ومديحًا تُروى وتتلى، وهذا كعبُ بنُ زهير - رضي الله عنه - الشاعرُ ابنُ الشاعرِ وأبو الشُّعراءِ - كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد أهدَرَ دمَه، فأُشير على كعب أن يأتيَ للرسولِ صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه مُسلمًا معتذرًا، مُثنيًا على شمائِلِه، هائبًا للقائِه ومما قال:

نُبّئتُ أنَّ رسولَ اللهِ أوعَدَني ... والعفوُ عند رسولِ الله مأمولُ

ما زلتُ أقتطعُ البَيداءَ مُدّرعًا ... جُنحَ الظلامِ وثوبُ الليلِ مسبولُ

حتى وضعتُ يميني ما أُنازعُها ... في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قولُه القيلُ

إنَّ الرسولَ لنورٌ يُستضاءُ به ... وصارمٌ من سيوفِ اللهِ مَسلولُ

في عُصبةٍ من قريش قال قائلُهم ... ببطنِ مكةَ لما أسلَموا زُولوا

زالوا فما زال أنكاسٌ (٢) ولا كُشُفٌ (٣) ... عند اللقاءِ ولا مِيلٌ (٤) معازيلُ (٥)

شُمُّ العرانينِ أبطالٌ لبوسُهُمُ ... من نسجِ داودَ في الهيجا سَرابيلُ

لا يفرحون إذا نالت رماحُهمُ ... قومًا وليسوا مجازيعًا إذ نِيلُوا

إلى أن يقول - مبديًا تخوّفَه من الرسول صلى الله عليه وسلم -:

فَلَهُوَ أخوفُ عندي إذ أُكلّمه ... وقيل إنك محبوسٌ ومقتولُ

من خادرٍ من لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكنُه ... ببطن عَثَّرَ (٦) غِيْلٌ (٧) دون غِيلُ


(١) زاد المعاد ١/ ٦٩، ٧٠.
(٢) أنكاس جمع نُكُس: وهو الضعيف.
(٣) أي: الذي لا فرس له.
(٤) أي: جبان.
(٥) أي: من لا سلاح له.
(٦) اسم موضع.
(٧) أي: الشجر الملتف.

<<  <  ج: ص:  >  >>