للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبَّ أحدُكم صاحبَه، فليأتِه في منزلِه فليخبِرْهُ أنه يُحبُّه للهِ». رواه أحمد والضياءُ بسند صحيح (١).

أيها المسلمون: وثمَّة ما يستدعي النظر ويستحق الوقفة، فبعضُ الناس يظن التعبيسَ في وجوه الآخرين دينًا يتقربُ به إلى الله، أو ربما ظنه بعضُ الخيرين تأكيدًا للولاء والبراءِ المشروعيْن .. وليس الأمرُ كذلك، فليس من هَدْي الإسلام ازدراءُ الناسِ واحتقارُ أعمالهم في مقابلِ تزكيةِ النفس، وليس من هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم الانقباضُ عن الناس وشدةُ القولِ ورديءُ الكلام ولو كانوا أصحابَ سوء.

وفي «صحيح البخاري» من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: ائذنوا له فبئس ابنُ العشيرة، أو بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألانَ له الكلام، فقلتُ له: يا رسولُ الله: قلتَ ما قلت، ثم ألنْتَ له في القول، فقال: «أيْ عائشةُ: إنّ شرَّ الناسِ منزلةً عند الله من تركَه أو وَدَعَهُ الناسُ اتقاءَ فُحْشِه» (٢).

هكذا ساقه البخاريُّ في كتاب الأدب، باب: المداراة مع الناس. وساقه مسلم في كتاب البرِّ والصلة والآداب، باب مدارةِ من يُتقى فحشه (٣).

ولقد فهم الصحابةُ رضوان الله عليهم هذا الأدب ومغزاه وتمثلوه ودعوا إلى دين الله من خلاله، وهذا أبو الدرداءِ رضي الله عنه يقول: إنا لنكشر في وجوه أقوامٍ وإن قلوبنا لتلعنهم (٤).

قال الحافظُ ابن حجر يرحمه الله: هذا الحديث أصلٌ في المداراة (٥).


(١) صحيح الجامع: ١/ ١٣٧.
(٢) صحيح البخاري: ٧/ ١٠٢.
(٣) صحيح مسلم: ٣/ ٢٠٠٢.
(٤) الصحيح مع الفتح: ١٠/ ٥٢٨.
(٥) الفتح: ١٠/ ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>