للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضل، ولا آمن عليك الوزر، ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعًا، فإنه رب متكلم في أمر يعنيه قد وضعه في غير موضعه فعنت، ولا تمار حليمًا ولا سفيهًا فإن الحليم يقلبك والسفيه يؤذيك، واذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحب أن يذكرك به واعفه مما تحب أن يعفيك منه، وعامل أخاك بما تحب أن يعاملك به، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجازى بالإحسان مأخوذ بالإجرام (١).

الآفة الثانية من آفات اللسان فضول الكلام، ويتناول الخوض فيما لا يعني، والزيادة فيما يعني على قدر الحاجة، فمن أنهى مقصوده بكلمة، فالكلمة الثانية فضول .. فكيف بمن يتحدث الساعات الطوال بكلام فضول؟ والحق تبارك وتعالى يقول {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} (٢).

ولا شك أن فضول الكلام يجر إلى مزالق ومخاطر وكان عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- يقول: إنه ليمنعني من كثير فضول الكلام، وفضول المال (٣).

أيها المؤمنون إذا كان هذا في شأن فضول الكلام وما لا يعني فلا تعجبوا إن رأيتم ثلة من الصالحين يندر حديثهم ويقل خلطتهم للناس إلا بخير وما بهم من علة لكنه الفقه في الدين، والاستحضار الدائم للعرض على رب العالمين، والبكاء على الخطايا ورجاء التكفير، ولهؤلاء وأمثالهم تزف البشرى فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته» (٤).


(١) المصدر السابق/ ١٥٤٥.
(٢) سورة النساء، الآية: ١١٤ (موعظة المؤمنين ٢/ ٢٠٨).
(٣) الإحياء ٥ - ٨/ ١٥٤٩.
(٤) حديث حسن رواه الطبراني في الصغير، وأبو نعيم في الحلية (صحيح الجامع ٤/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>