للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكل المقاييس، أفل فيها نجمُ العفةِ والفضيلة والحياء، وأعلنت الفاحشةُ على الملأ وانتشر سوقُ المخدرات، وبات يُستعاض بها عن الحروب العسكرية الأخرى، وأصبح الغزو الفكريُّ فنًّا تمارسه الحضاراتُ الماديةُ على من سواها، فلم يُرع جانبُ الدين والخلق، ولم تُقدر الحضارةُ الإسلامية حقَّ قدرها، وأصبح أتباعُها - مع الأسف - يتوارون خجلًا عن الإفصاح عن هويتهم في المحافل الدولية والمؤتمرات الكبرى، إلا من رحم الله.

معاشر المسلمين: ونتج عن هذه الأزمات العالمية وغيرها أن تأثرت بلادُ المسلمين، فشاع الفقرُ، وسُلِّط الأعداءُ على المسلمين، وفشا الموت، ومنعوا النبات وحُبس القطر .. أو أمطرت السماءُ ولم تنبت الأرض .. أو زاد حجمُ الأمطار .. فكانت الفيضاناتُ المدمرة، أو زادت نسبُ التصحر في البلاد المسلمة، فهلك الحرث والنسل، وكل ذلك بما كسبت الأيدي كما قال ربنا: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (١).

وهو تحقيقٌ لوعد الصدق الذي جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم وحذّر الأمة من آثاره فقال: «خمسٌ بخمس، ما نقض قومٌ العهد إلا سُلّط عليهم عدوُّهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقرُ، ولا ظهرت فيهم الفاحشةُ إلا فشا فيهم الموتُ، ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأُخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حُبس عنهم القطرُ» (٢).

اللهم ألهمنا رشدنا، وبصّرْنا بمواطن الضعف في نفوسنا، وردنا إليك والمسلمين ردًا جميلًا ... وأعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.


(١) سورة الروم، الآية: ٤١.
(٢) رواه الطبراني عن ابن عباس بسند حسن، صحيح الجامع الصغير: ٣/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>