للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أين هذا ممن لا يزالون يصرون على الربا ... وتنبت أجسادُهم وأجسادُ ذويهم على السحت، وأي جَسَدٍ نبت على حرام فالنار أولى به، ألا فلينتبه المؤمنون بربهم والتالون لكتابه عن الربا، وليتقبلوا عظة الله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١).

أيها المؤمنون: وثمة أزماتٌ سياسيةٌ وعسكرية، لم تحلها المجالسُ الكبرى، والمنظمات العالمية، ولم تسهم مخزوناتُ الأسلحة العظمى بحلها، بل زادتها تعقيدًا، وكلما انطفأ الفتيلُ في مكان - أو كاد - وإذا به يشتعلُ في مكان آخر، وهكذا يختل الأمنُ وتتصاعد الأزمة، وتتقاسم الدولُ الكبرى النفوذ، وتتوازع المصالح ... فلا يزيدها ذلك إلا ضعفًا وانهيارًا وكرهًا من قبل الشعوب الأخرى.

والمأساة أن المسلمين لا دور لهم يُذكر في إنشاء أو إطفاء هذه الأزمات الكبرى، بل ربما استنفرت طاقاتُهم، وحوصرت شعوبُهم، وربما خرجوا من المعركة بلا شيء أو بشيءٍ سلبي، وليتهم عادوا إلى إسلامهم، فسيجدون في كتاب ربهم حلًا لأزمة الأمن التي يدفعون ضريبتها في مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (٢).

إذا الإيمان ضاع فلا أمانٌ ولا دنيا لمن لم يُحيي دينا

وسيظل المسلمون يشاركون غيرهم في الانتكاسة والخوف، ويهددونهم بالحروب حتى يعودوا إلى هويتهم، وينطلقوا من تعاليم دينهم: «إنَّ الله لا يُغَيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسِهم».

إخوة الإسلام: أما أزمة الأخلاق التي يعيشها عالمُ اليوم فهي أزمة مدمرةٌ


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٧٥.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>