للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصرِّين على التعامل بالربا، وأنَّى لقوة - مهما كانت - أن تصمد لحرب الله، واللهُ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١).

إنه جزءٌ من انتقام الله الذي وعد به المرابين: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (٢)، {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} (٣).

ويؤكد الذي لا ينطق عن الهوى في سنته، أن عاقبة الربا إلى قلٍّ وإن توهم المرابون خلاف ذلك، وانخدعوا بالورم الخبيث، روى الحاكمُ بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الربا وإن كثر، فإن عاقبته تصير إلى قلّ» (٤).

والمصيبةُ أن يسير المسلمون في اقتصادهم مسيرة العالم الكافر ويربطوا اقتصادهم باقتصاده، وهم يتلون كتاب الله وفيه مخرجٌ لأزماتهم كلِّها، ومن بينها الاقتصاد، فهم يؤمنون أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، ويعتقدون أن ما عندهم ينفذُ وما عند الله باق، ويدركون السرِّ في قوله تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (٥)، وقوله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٦).

ولا يخالجهُم أدنى شكٍّ في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٧)، وقوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (٨).


(١) سورة البقرة، الآيتان: ٢٧٨، ٢٧٩.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٧٥.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٩٥.
(٤) صحيح الجامع: ٣/ ١٨٦.
(٥) سورة التغابن، الآية: ١٧.
(٦) سورة البقرة، الآية: ٢٨٠.
(٧) سورة الأعراف، الآية: ٩٦.
(٨) سورة الطلاق، الآيتان: ٢، ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>