للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادَ الله: كم هو عظيمٌ عندَ الله أن يتذكَّرَ المرءُ عَظَمةَ الله، ويذكرَ آلاءهَ ونعمَه فيخشعَ قلبُه لذِكْر الله وتفيضَ عيناهُ بالدموع حيث لا يراهُ إلا الله، وأحدُ السبعةِ الذين يُظلُّهم الله في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه رجلٌ ذكرَ الله خاليًا ففاضت عيناه، وربُّنا في محكم التنزيل يقول: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} (١).

وكم هو عظيمٌ كذلك أن يُذكِّر المرءُ بذكر الله فيَذكرَ اللهَ في حالِ اجتماع الناس ليذكِّرَهم بالله -وكفى أولئك فخرًا أن الله يَذكُرهم في ملإٍ خيرٍ من الملأ الذين ذكروا اللهَ عندهم .. ذلك وعدٌ غيرُ مكذوب «مَن ذَكَرني في ملإٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منهم» {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} (٢).

وما أعظمَ الأمرَ حين يشاهِدُ المرءُ خَلقًا عظيمًا أو صُنعًا عجيبًا في الكون فيذكِّرُه ذلك بمَن خلقَ العظيم ومن صنَع العجيب، ومن عجبٍ أن نعجبَ أحيانًا من الطائرة في جوِّ السماء وننسى عظمةَ مَن خلقَ السماء وأمسك السماواتِ والأرضَ أن تزولا .. وهل من قادرٍ على إمساكِهما لو زالتا؟ كلَّا بل هو اللهُ العزيزُ الحكيم.

يا أخا الإيمان: وإذا أثقلتْكَ الخطايا وتلبَّستَ بالمعاصي وأحسستَ بالذنْبِ فعليك بالذِّكر فهو كفَّارةٌ للخطايا، وفي صحيحِ الأدب المفرَد للبخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصنًا فنفضَه فلم ينتفض، ثم نفضَه أخرى فلم ينتفضْ، ثم نفضَه فتحاتَّتْ ورقُها، ثم قال: «إنَّ سبحانَ الله والحمد لله ولا إله إلا الله تَنفُضُ الخطايا كما تنفضُ الشجرةُ ورقَها» (٣).


(١) سورة الأعراف، الآية: ٢٠٥.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٥٢.
(٣) صحيح الأدب المفرد للبخاري/ تحقيق الألباني ص ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>