للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليه الصلاةُ والسلام: «أنا أولى الناسِ بعيسى ابن مريمَ في الدُّنيا والآخرةِ» (١).

وقال لليهود: «أنا أولى بموسى مِنكم» (٢).

ومن مقتضيات ختم الرسالات برسالة محمدٍ صلى الله عليه وسلم أن تتوحّد البشريةُ تحت لواءِ التّوحيدِ، لا تعترفُ بالطبقيّة ولا العُنصريةِ، وأن يُرَدّ على كلّ مُدّعٍ النبوةَ دعوتَه، بل يُصنَّفُ ضمن المتنبّئين الكذّابين الذين ابتدأ ظهورُهم ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم على قيد الحياةِ وما زال مستمرًا.

ومن مقتضياتِ العالميةِ في الرسالة المحمّديةِ أن يمتدّ أثرُها في المكان لتشملَ المعمورةَ كلَّها، وتمتدّ في الزمان لتستغرقَ ما بقي من تاريخ الإنسانيةِ حتى يرثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها، لا يُفرّق في الإسلام بين عربيٍّ وأعجميٍّ وحُرٍّ وعبدٍ، وغنيٍّ وفقير، وأميرٍ ومأمور.

وبمقتضى عالمية الإسلام ينبغي أن تنتهي الدياناتُ الأخرى وتصير إلى الإسلام امتثالًا لقول الحق تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «فوالذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ، لا يَسمعُ بي أحدٌ من هذهِ الأُمة يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ ولم يُؤمنْ بالذي أُرسلتُ به إلا كان من أصحابِ النار» (٤).

عبادَ الله: ومن خصائص رسالةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم أنْ أنزلَ عليه كتابًا مُعجزًا تحدّى اللهُ به الأولينَ والآخِرين أن يأتوا بمثلِه .. ولو كان بعضُهم لبعضٍ ظهيرًا


(١) متفق عليه، البخاري برقم (١٣٤٤٣) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٣٦٥).
(٢) متفق عليه، البخاري برقم (٣٩٤٣)، ومسلم برقم (١١٣٠).
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٨٥.
(٤) رواه مسلم، كما في «مختصر المنذري» (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>