للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَقامُ مَقامَ حصرٍ لها، ولكنّ حديثَ اليوم يُعني ببيان المَخْرجِ من الفتنِ والحَذَرِ منها، ووسائلِ الخروجِ وقواربِ النّجاةِ منها.

وأبدأُ هذه الوسائل المعينةَ على السلامةِ من الفتن، بما عمله الرسولُ صلى الله عليه وسلم ألا وهو:

١ - الدعاءُ والتعوذُ باللهِ من الفتن .. واللهُ تعالى هو ملاذُ المسلم في كلِّ حالٍ، فكيف في أزمان الفتن؟ روى البخاريُّ ومسلمٌ وغيرُهُما منِ حديثِ عائشةَ رضي الله عنها، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهمّ إني أعوذُ بكَ من الكَسَلِ والهَرَمِ، والمَأْثَمِ، وعذابِ النارِ، ومن شَرِّ فتنةِ القبرِ، وعذابِ القبرِ، ومن فتنةِ النارِ، وعذابِ النار، وأعوذُ بكَ من فتنةِ المسيحِ الدّجالِ ... » (١).

وفي الحديث الصحيح الآخر، قال صلى الله عليه وسلم: «وأعوذُ بك من فتنةِ المَحْيَا والمَمَات» (٢).

فهل نلجأ إلى اللهِ في كلِّ حينٍ .. وكلّما اشتدت الفِتَنُ زدنا في الضّراعةِ واللُّجوءِ.

٢ - الحذرُ من الانتكاسةِ في الفتن، حين لا يَعرفُ الإنسانُ المعروفَ ولا يُنكِرُ المنكرَ .. قال حذيفةُ رضيَ اللهُ عنه: كنّا عند عمرَ رضيَ اللهُ عنه يومًا فقال: أَيُّكم سَمِعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذكرُ الفِتنَ؟ فقال قومٌ: نحن سمعناه، فقال: لعلَّكم تعنونَ فتنةَ الرجلِ في أهلهِ وجارهِ؟ قالوا: أجلْ، قال: تلك تُكفّرُها الصلاةُ والصيامُ والصدقةُ، ولكن أيُّكُم سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَذكرُ الفتنَ التي تموجُ موجَ البحرِ؟ قال حذيفةُ: فَأَسْكَتَ القومُ،


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الدعوات، باب الاستعاذة من أرذل العُمر، ومن فتنة الدنيا، وفتنة النار برقم (٦٣٧٥)، ومسلم في «صحيحه» مختصرًا برقم (٥٨٧) و (٥٨٩)، وأخرجه بطوله برقم (٤٩).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٦٣٦٣)، ومسلم برقم (٢٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>