للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويربط ابن القيم رحمه الله بين حسن الظن وحسن العمل فيقول: ولا ريب أن حسن الظنّ إنما يكون مع الإحسان فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده .. ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها، فالذي حمله على العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه حسن عمله، وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز (١).

وهكذا يربط ابن القيم بين حسن الظن وحسن العلم، ويوضح أثر حسن الظن بالله على حسن العمل، وتأملوا هذا الحديث من مشكاة النبوة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حسن الظن من حسن العبادة» (٢).

ومرة أخرى يوضح ابن القيم الفرق بين حسن الظن والغرور فيقول: وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأن حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساعده وساقه إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور (٣) والرجاء بلا عمل- اجتراء على الله عز وجل- كما قيل (٤).

وهذا عبد الله بن خبيق يقسم الناس إلى ثلاثة أصناف، ويقول: الرجال ثلاثة: رجل عمل حسنةً فهو يرجو ثوابها، ورجل عمل سيئة ثم تاب فهو يرجو المغفرة، والثالث: الرجل الكذاب يتمادى في الذنوب ويقول: أرجو المغفرة، ومن عرف نفسه بالإساءة ينبغي أن يكون خوفه غالبًا (٥).


(١) الجواب الكافي ص ٢٦ - ٢٨.
(٢) رواه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم وصححه وأقره الذهبي ١٤/ ٢٤١، شعب البيهقي ١/ ٢٩٨.
(٣) الجواب الكافي ص ٤٦.
(٤) شعب البيهقي ١/ ٢٩٨.
(٥) السابق ١/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>