للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد بعضهم:

ما بال دينك ترضى أن تدنسه ... وإن ثوبك مغسول من الدنس

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس (١)

ومن حكم لقمان أنه قاله لابنه، يا بني اُرج الله رجاءً لا يجرئك محلى معصيته، وخف الله خوفًا لا يؤيسك من رحمته.

قال ابن القيم رحمه الله: الرجاء حاد يحدو به في سيره إلى الله، فلولا الرجاء لما سار أحد، فإن الخوف وحده لا يحرك العبد، وإنما يحركه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء (٢).

وإذا علم حد الرجاء الشرعي وعلم حسن الظن بالله على مفهومه الصحيح، فقد كان للسلف رحمهم الله أقوال ومأثورات في تطميع الناس بفضل الله وسعة رحمته وعدم الانقطاع عن رجائه والوقوف ببابه، بل كانوا يحذرون من تيئيس الناس وتقنيطهم من رحمة الله.

فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين دخل عليها عبيد بن عمير قالت: أعمير بن قتادة؟ قالوا: نعم، قالت: أحدث أنك تجلس ويجلس إليك، قال: بلى يا أم المؤمنين فقالت: «فإياك وإملال الناس وتقنيطهم» (٣)

ومر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على قاص وهو يذكر فقالت: يا مذكر لا تقنط الناس، ثم قرأ {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا} (٤) وليس الأمر قصرًا على عائشة وابن مسعود في تطميع


(١) السابق ١/ ٣٠٤.
(٢) مدارج السالكين ٢/ ٥٢.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه وغيره بإسناد حسن، شعب البيهقى ١/ ٣٢٤.
(٤) سورة الزمر، الآية: ٥٣ (أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وغيره، شعب البيهقي ١/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>