وغيرهم بالدونية. يقول الأمير شكيب أرسلان: إن الروح الصليبية لم تبرح كامنةً في صدور النصارى كمُونَ النار في الرماد، وروحُ التعصب لم تنفك معتلجةً في قلوبهم حتى اليوم كما كانت في قلب بطرسِ الناسك من قبل، وأن ما يدعوه الفرنجةُ عندنا في الشرق تعصبًا مذمومًا هو عندهم في بلادهم العصبيةُ الجنسية المباركة، والقوميةُ المقدسة (١).
عبادَ الله: إن على المسلم أن يعلم موقعه في هذا العالم، وإذا أُعجب كلُّ ذي رأي برأيه، وكلُّ أصحاب نحلة أو دين بنحلهم وديانتهم، فحسب المسلم أن يرضى بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا رسولًا، وأن يكون القرآن دليله وهاديه، وأن يكون في عداد الأمة المرحومة .. أمةِ الخير والعدل والوسط، وعلى المسلم أن يحذر من الشعارات الخادعة، والدعوات الفاتنة التي يُلبس الحقُّ فيها بالباطل، ويتفوق فيها المُبطل على المحق في زمنٍ ضعفت فيه مقدراتُ المسلمين، وغزاهم في قعر دارهم الكافرون، وبات الغزو مقننًا عبر الفضائيات والشبكات ونحوها، بل أصبح التأثيرُ العقدي يُمارس عبر دهاليز السياسة، ومن بوابات الاقتصاد، ويغطى بمصطلحات العولمة، والنظام العالمي، ويمرر عبر قرارات الهيئات والمنظمات المُسَيَّسة، فهل يواجه المسلمون التحدي؟ وهل يحسون بحساسية المرحلة؟ وهل يتجاورون التبعية؟ ذاك المأمول والمرتجى، والله غالب على أمره.
(١) حاضر العالم الإسلامي: ١/ ١٣٧، وانظر: التعصب الأوروبي أو الإسلامي/ محمد العبدة: ١١ - ١٤.