للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاشر المسلمين: أينا يجهلُ أن هذا القرآنَ شرفٌ لنا، وكلنا سنسأل عنه، ولولا رحمةُ اللهِ لرفعه حين رُدَّ أول مرة، وتأملوا آيتين الأولى قوله تعالى في كتاب الله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (١).

قال ابنُ عباسٍ ومجاهدُ وقتادةُ والسدي وابنُ زيد: المعنى: شرفٌ لك ولقومِك، واختاره ابن جرير ولم يحك سواه (٢).

وقيل المعنى: تذكيرٌ لك ولقومك، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم أما قوله: {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} أي عن هذا القرآن، وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له (٣).

والأخرى، قولُه تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ} (٤).

والله لو أن هذا القرآنَ رُفع حين ردته أوائلُ هذه الأمة لهلكوا ولكن الله تعالى عاد بعائداتِه ورحمتِه فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة، واستحسن ابنُ كثير رحمه الله هذا القولَ لقتادة فقال: وقول قتادة لطيفُ المعنى جدًا، وحاصلُه أنه يقول فيما معناه أنه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءَهم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم- وهو القرآن- وإن كانوا مسوفين معرضين عنه، بل أمر به لنهتدي به من قدَّر هدايته وتقوم الحجةُ على من كتبَ شقاوته (٥).

أيها المؤمنون لقد كان اصطفاءُ هذه الأمةِ على الأمم قبلها جزءًا من فضائل


(١) سورة الزخرف، آية: ٤٤.
(٢) تفسير ابن كثير ٤/ ٢٠٦.
(٣) المصدر السابق ٤/ ٢٠٦.
(٤) سورة الزخرف، آية: ٥.
(٥) تفسير ابن كثير ٤/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>