للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واصبروا وصابروا على ما ينالكم في سبيله من اللأواء، وليكن الإخلاصُ رائدَكم، والمتابعةُ لهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم منهجًا في حياتكم، وخذوا من هممِ السلف الصالحين ما يُقوي عزائمكم (١).

كتب يزيدُ بنُ أبي سفيان إلى عمرَ رضي الله عنه يقول: إن أهلَ الشام قد كثروا وملئوا المدائن، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن، ويفقهُهم، فأعني برجالٍ يُعلمونهم، فدعا عمر الخمسة الذين جمعوا القرآن .. فقال: إن إخوانكم قد استعانوني من يُعلمهم القرآن، ويُفقههُم في الدين، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثةٍ منكم أن أحبهم، وإن انتدب ثلاثةٌ منكم فليخرجوا، فقالوا: ما كنا لنتساهم، هذا شيخٌ كبيرٌ - يعنون أبا أيوب- وأما هذا فسقيمٌ يعنون أبي بنَ كعب، فخرج معاذٌ، وعبادةُ بنُ الصامت، وأبو الدرداء، فقال عمر ابدءوا بحمص فإنكم ستجدون الناس فيها على وجوه مختلفةٍ، فإذا رضيتم منهم، فليقمْ بها واحدٌ، وليخرج واحدٌ إلى دمشق، والآخر إلى فلسطين، قال فقدموا حمص فكانوا بها، حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادةُ، وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذٌ إلى فلسطين فمات في طاعون عمواس، ثم صار عبادةُ إلى فلسطين وبها مات، ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات .. رضي الله عنهم وأرضاهم (٢).

وهكذا تكون الجديةُ في تعليم كتابِ الله والدعوةِ لدينه والنفع للخلق، حتى ولو تغرب عن الأوطانِ المعلمون وتحملوا الموتَ في سبيل الغاية النبيلة عند المجاهدين الصادقين.

يا أهل الدثور، ويا أصحاب الولاياتِ والمسؤوليات في بلاد المسلمين، إنه


(١) أخرجه ابن سعد في طبقاته، والبخاري في تاريخه الصغير بسند رجاله ثقات.
(٢) الطبقات ٢/ ٣٥٦، التاريخ الصغير ١/ ٤١، عن سير أعلام النبلاء ٢/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>