للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأملوا هذه الوصية من الحسن إلى عمرَ بن عبد العزيز وقد كتب إليه يقول: أما بعد فإن الدنيا دارُ ظعن، ليست بدار إقامة إنما أُنزل إليها آدم عقوبةً فاحذرها يا أميرَ المؤمنين فإن الزادَ منها تركها، والغنى فيها فقرها، لها في كل حينٍ قتيل، تُذل من أعزها، وتُفقر من جمعها، هي كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه، فكن فيها كالمداوي جراحه يحتمي قليلًا مخافةَ ما يكره طويلًا، ويصبر على شدة الدواء مخافة طولِ البلاء، فاحذر هذه الدارَ الغرارة الخداعة الخيالة. إلخ كلامه يرحمه الله (١).

أيها المسلمون حققوا التوحيد ولا تصرفوا شيئًا من أنواع العبادة لغير الله، فمن حقق التوحيد دخل الجنة.

وخافوا على أنفسكم من الشرك كبيره وصغيره، وقد خافه صلى الله عليه وسلم على أمته وقال: «أخوف ما أخاف عليكم الشركُ الأصغر، فسئل عنه فقال: «الرياء» (٢).

وإذا كان الشركُ الأصغر مخوفًا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال علمهم وقوة إيمانهم فكيف لا يخافه وما فوقه من هو دونهم في العلم والإيمان بمراتب؟ كذا قال العالمون (٣).

حافظوا على الصلوات فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأقيموا الواجبات، واجتنبوا المحرمات، ولا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، ولا تنخدعوا بطول الأمد فتقسوَ قلوبكم ..

معاشر المسلمين حجاجًا ومقيمين عادت صحائفهم بيضاء نقية، «فمن حج


(١) إغاثة اللهفان، ١/ ٦١.
(٢) رواه أحمد بسند صحيح ٥/ ٤٢٨، ٤٢٩.
(٣) فتح المجيد ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>