للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأمل يا عبد الله مصير الفريقين وفروق الجزاءِ بين الصنفين في الآخرة وقوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون* فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون* وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون} (١).

إنه الفرق بين الإيمان والكفر، واليقين والشك، ولئن كانت الساعةُ غيبًا، فهي كالمشاهد عند المؤمنين، فهم كما يؤمنون بالله وإن لم يروه يؤمنون بالساعة وإن لم يروها- ولذا جاء الربط في القرآن كثيرًا بين الإيمان بالله والإيمان بالغيب من مثل قوله تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر} (٢).

وإذا تساوى الناسُ في تصديقهم بالمشاهد المحسوس لديهم تميز أهلُ الإيمان وأولو الألباب بالتصديق بالغيب الذي يرون دلائله وينظرون في شواهده، وإن غاب عنهم كنههُ وحقيقتهُ.

إخوة الإيمان كم نحن بحاجة إلى غرسِ هذا الإيمانِ بالغيب ودلائِله في نفوسنا صغارًا وكبارًا، عالمين ومتعلمين وأميين رجالًا، ونساء، في مؤسساتنا التعليمية والإعلامية حتى تنحسر بقايا المدُّ الإلحادي الذي تهاوت دولتهُ قبل سنين، وبقيت بقيةٌ من أفكار أتباعه وهي في طريقها إلى الانقراض، فالعلمُ يدعو إلى الإيمان، ودلائل الإيمان بالغيب تحاصر المتشككين في ذوات أنفسهم وفي كون الله الواسع من حولهم، وفي كل شيء له آيةٌ تدل على أنه واحدٌ .. وتلاشت مقولةُ ((من يحيي العظام وهي رميم)) بقوله تعالى: {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق


(١) سورة الروم، الآيات: ١٤ - ١٦.
(٢) سورة البقرة، آية: ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>