للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتصام بالكتاب والسنة، كما قال جلَّ من قائل عليمًا: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون} (١).

وهذه النعمة لا يستطيع البشر أن يوفروها لأنفسهم مهما أوتوا من العلم، ومهما بلغت بهم الحضارة، إذا كانوا بمنأى عن تعاليم السماء، وهم عاجزون عن جلبها بأغراض الدنيا ولو أنفِقوا في ذلك ما أنفقوا، إنها منحة إلهية وكفى {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم (٦٣) يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} (٢).

تُرى كم يخسر المسلمون وهم يُفرطون في هذه النعمة الكبرى، حين تنشأ في صفوفهم الإحن، وتسود القطيعة، وتتسع دائرة الخلاف والفرقة، وكم تضعف المجتمعات المسلمة من قوتها حين يُساء الجوار، ويُتنابز بالألقاب، كم تهدر من طاقة وتهدُّ أركان بالحق قائمة، وتشل قوى متربصة، ويختلط النفاق بالإيمان، ويغيب الحقُّ أو يكاد، وتظلل الرؤية أصواتُ المبطلين، والله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم} (٣).

أيها المسلمون! لابد أن نحاسب أنفسنا على نعمة الأخوة واجتماع الكلمة حتى لا تتقطع أوصالنا، وتذهب ريحنا، ونكون محل شماتة الأعداء وفساد في ديننا، لا


(١) سورة آل عمران، الآيتان: ١٠٢، ١٠٣.
(٢) سورة الأنفال، آية: ٦٣.
(٣) سورة الأنفال، آية: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>