وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله للصحابة:((أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)).
وسابعها: أنه ادعى لدوام الطلب واللسان، فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب، بخلاف ما إذا رفع صوته.
وثامنها: أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات؛ لأنه إذا أخفى لم يدر به أحد بخلاف إذا جهر فطرت له الأرواح البشرية، ولابد فأفسدت عليه دعاءه بخلاف إذا أسر.
وتاسعها: أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد، ولكل نعمة حاسد على قدرها، ولا نعمة أعظم من هذه وبالإسرار يسلم من حسد الحاسدين بإخفاء هذه النعمة التي منحه الله إياها.
وعاشرها: أن الدعاء هو ذكرٌ للمدعو سبحانه وتعالى، متضمن للطلب والثناء عليه بأوصافه وأسمائه فهو ذكرٌ وزيادة .. وإذا كان ذلك كذلك فالله قال في شأن الذكر {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة} والتمسكن والانكسار هو روح الذكر والدعاء.
ومن رام المزيد والتفصيل فليرجع للفتاوى في جزئها الخامس عشر (١).
أيها الصائمون! ثمة سُنَّة نبوية يحسن التذكير بها هذه الأيام، إنها الاعتكاف، وحقيقتها لزوم مسجد لطاعة الله والانقطاع عن الدنيا وعلائقها، والإقبال على الله وقصر القلب عليه وحده دون سواه، والتبتل إليه وسؤاله ورجاؤه.
قال الإمام الزهري رحمه الله: عجبًا للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما