للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنا من هو غافلٌ عن شكره فيها، كما هو غافلٌ عن الشكر في نعمِ أخرى مثيلة لها .. إنها نعمةُ النوم .. نعمةٌ مجهولٌ قدرُها، فإذا ما أصيب المرءُ بمرض، أو أرق، أو مسَّه شدةُ جوع أو بردٍ، أو حالت هموم دون نومه؛ أدرك قيمة هذه النعمة. وما أطول ليل الأرقين! وما أقضَّ مضاجع المرضى والمهمومين!

وفي المقابل، فما ألذَّ النومَ بعد الإعياء والتعب وطول الكَدِّ والبحث في سبل الحياة في مسارب النهار دون أن يكدره مرض أو هموم.

عباد الله: والنوم - كما هو نعمةٌ - فهو آية من آيات الله، ألا ترى الخالق - جلَّ جلالُه - يُغشي الليل النهار، فيظلم الكونُ، وتسكن الحياةُ، وينكفِئ الأحياء، وتقلُّ الحركة، ويهدأ الناس، فيطيب المنام، وتسكنُ الأعضاءُ بعد كللها، وتستريحُ بعد تعبها، وصدق الله إذ يقول: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} (١).

تفكَّر أيها العبدُ - وأنت مدعوٌّ للتفكُّر - وتأمل قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٢).

وتأمل في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (٣).

أيها المسلمون .. تلك رحمةٌ من رحمات الله على عباده تستوجب الشكر: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٤).


(١) سورة الفرقان: الآية ٤٧.
(٢) سورة النمل: الآية ٨٦.
(٣) سورة الروم: الآية ٢٣.
(٤) سورة القصص: الآية ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>